الأحد، 8 يوليو 2012

..


مدخل : يقول طاغور : "إننا نعيش في هذا العالم حين نحبه " .
وأنا أقول : " أن الإنسان ، ولكي يحب هذا العالم ،فهو ليس بحاجة إلى أكثر من شيء أو شخص يجعل هذا العالم بالنسبة له ، مكان يصلح للعيش "
وأقول أيضا : "أنك ،ولكي تكره هذا العالم ، فأمامك مئة سبب وسبب كي تكرهه فعلياً " 


وأقولُ من جملة ما أقول أنه لا بدّ لي من قراءة أولى . قراءة أولى لكل شيء ، ولأي مادة دراسية  ،أعرّج بها ومن خلالها على كل جملة ، كلمة كلمة ،حرفا حرفا ، حتى لو لم أفهم شيئاً ، فإنها قراءة لا بدّ منها ، كي يصبح الفهم شيئاً ممكنا !
شيءٌ كهذا ، لم ولن أستطيعه ، أو يستطيعه أي بشري من أن يفعله مع الحياة ، إذ لا مجال لقراءة أولى . وأننا ولكي تتاح لنا فرصة ذهبية كهذه ، فلا بدّ لنا من أن نحيا على هذه الأرض مرتين ، الأمر الذي لن نستطيعه جميعاً بالدرجة الأولى ، والذي لا أرغب به أنا شخصياً بالدرجة الثانية !
لعلّ قراءة كهذه كان لا بدّ لها من أن تساعدني ولو قليلاً على فهم الكثير من الأشياء ، ولا أريد أن أبالغ بالقول : كل الأشياء التي تستعصي على الفهم . بدايةً من هذا العالم المنقسم إلى إلى عوالم متنوعة وكثيفة تكاد تكون منعزلة تماماً عن بعضها ، بل إن الواحد منها يكفي ليكون عالماً قائماً بذاته !
ففي الجامعة ، هذا العالم الضخم الذي أنتمي إليه ، والذي يزيد عدد طلابه عن سكان مدينتي ، طلابُ في مقتبل العمر ، معبئين بالأحلام والأماني ، طافحين بالعنفوان واللامبالاة ،وأشياء أخرى . يكاد همّ الواحد منهم وبالنسبة للغالبية ، لا يتجاوز المواد الدراسية والامتحانات ، وبالكاد يعرفون أو يشعرون بالعوالم الأخرى القريبة جدا منهم . فعلى مسافة لا تحتاج إلى أكثر من 10 دقائق مشيا على الأقدام ، "عالم" ، عالم آخر تماماً ،مختلف بكل أبعاده وتفاصيله عن عالم الشباب والأحلام ، لا بل إنه على النقيض تماماً !
تقدمك لهذا العالم لافتة بيضاء ، مكتوب عليها : "جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني \دار المسنين\ تأسست عام 1952م"!
هناك : حيث تتلاشى الحواس وتنطفىء واحدة واحدة ، هناك ، حيث تصغر الأحلام وتختفي كما لو انها لم تكن ، وتصغر الرغبات وتتواضع إلى حدّ أنها تُختَصر في قطعة حلوى !
هناك :حيث الحاجة هنيّة ،تشارك الغرفة مع ثلاث مسنات أخريات ، أدخلُ أنا إلى الغرفة ، وما إن أضع يدي على كتفها حتى تصحو من غفوتها .تعدّل هي جلستها قليلاً ، وأجلس أنا عند نهاية السرير ، تسألني أسئلة غايةً في العادية والروتينية عن أشخاص تعرفهم ، ثمّ ولا أدري كيف ، يتغيّر مسار الحديث ، لنصل إلى بيتها المؤلف من غرفة يتيمة . أدقق أنا في وجهها ، وأرى كيف تردع الدمعة فترتد إلى الداخل !
وعند الوداع ، تصافحني وتقبلني كما لو كانت تصافح مدينتي بأكملها ، المدينة والبيت ، والمعارف ، والذكريات الجميلة والحزينة ، وكل كل شيء !
مخرج: هل أحزن لأنني فتحت باباً يسدّ الأفق ، ويقطع أي يدٍ للأمل تمتد !
أم أبكي لأنني أحاول أن أحب الحياة فلا أستطيع !





هناك تعليق واحد:

SkyWriter يقول...

بينما كنت مع فريق تسلق جبال فيه مسنين.. كنا على القمة وكان أحدهم يتأمل جمال الطبيعة, كان عمره 78 عاماً, وكانت دهشتي من وجوده في هذا المكان كدهشتي من جمال ذلك المكان. اقتربت منه وسألته عن سر استمراره في حب الحياة فأجابني بجملة علقت في أذني, لقد قال :
طالما أن قلبك في الربيع.. فلا تهتم لخريف العمر.. اهتم بقلبك يا صديقي.